حين لا تكون الأرض التي نهوِي إليها موجودة

العشرون من مايو
القاهرة | مصر
٦:٢٣م الثلاثاء

⸻

⟢ شعور السقوط الطويل

اليوم، لستُ بخير.

أشعر بأنني أهوي، من أين وإلى أين لا أعلم، لكنني على هذه الحال منذ سنتين، أو ثلاث.

كلما ظننتُ أنني أخيرًا سأهوي على أرضٍ ما، أي أرض، المهم أن يتوقف كل هذا، يتضح أنه وهم.

منذ مساء الأمس وأنا أشعر بأنني أنطفئ رويدًا رويدًا، كشمعة وصلت لرقمتها الأخيرة،

أو كزهرة حاولت جاهدة أن تحافظ على استقامة جذعها، لكنه تقوّس تحت ثقل الأيام الرتيبة المتراكمة.

⸻

⟢ السفر الذي باغتني رغم انتظاري له

يقترب موعد سفرنا الثالث.

هذا السفر الذي سيقلب حياتي رأسًا على عقب.

رغم أنني أعرف بقربه منذ سنتين، لكنني أشعر بأنه باغتني.

لستُ مستعدة لتحضير حقيبة السفر وملئها بكل ذكريات الحنين والوحدة.

كل ما أود فعله هو التكور على نفسي والسماح للأيام أن تمضي،

لأجد نفسي، بعد سبات عميق، قد أُخذت حيث تشاء.

أشعر بأن البعض يراني غير ممتنة وغير شاكرة أبدًا،

على هذه الفرصة التي قُدّمت لي على طبقٍ من ذهب،

فرصة يتمناها الكثير، ولا ينالونها ولو بالحلم.

لكن،

ماذا لو لم تكن هذه الفرصة فرصةً بالنسبة لي؟

ماذا لو أنها تأخذني أبعد وأبعد عن نفسي؟

فكل ما أحاول فعله في هذه الأيام هو تجميع أجزائي المتناثرة.

⸻

⟢ فقط، أنا خائفة

٧:٠٢م

أظنني فقط خائفة.

خائفة من المطبات التي سوف أصطدم بها كثيرًا.

خائفة من كل البعثرة النفسية والشعورية القادمة بالطريق.

وبالتأكيد، خائفة من أن أفقد نفسي مجددًا، كما سبق أن فقدتها في مكانٍ ما بين جدة ومقديشو.

⸻

⟢ الوداع عبر شاشة

ومما يؤلم أيضًا في مثل هذه اللحظات:

أن يبقى كل شيء ثابتًا في الخارج، لكنك تشعر بأن داخلك يتحول إلى ركام.

أفكر أيضًا في الأصدقاء الذين سأودّعهم،

كيف يكون الوداع وداعًا عن بُعد؟

كيف سأودّعهم من خلال شاشة الجوال، وأخبرهم أنني سأرحل إلى الجهة الأخرى من الكرة الأرضية هذه المرة؟

خطر لي الآن أن وداعنا في السعودية، حتى وإن بدا مقيتًا لحظتها،

إلا أنه كان رفاهية لن أحظى بها الآن،

لأننا على الأقل، استطعنا أن نمسك بأيدي بعضنا بكل وحشة وحب.

ورغم كل هذا الخوف، أعرف في داخلي أنني سأجمع نفسي مرة أخرى، كما أفعل كل مرة، ولو بعد حين.